الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***
مطلب جملة من لا يقتل إذا ارتد (قوله فالمستثنى أحد عشر) أي من قوله وكل مسلم ارتد فتوبته مقبولة إلا أحد عشر: من تكررت ردته، وساب النبي عليه الصلاة والسلام، وساب أحد الشيخين، والساحر، والزنديق والخناق؛ والكاهن، والملحد، والإباحي والمنافق، ومنكر بعض الضروريات باطنا. ا هـ. ح. قلت: لكن الساحر لا يلزم أن يكون مرتدا بأن يكون مسلما أصليا فعل ذلك فإنه يقتل ولو كافرا كما مر، والخناق غير كافر وإنما يقتل لسعيه بالفساد كما قدمناه. وأما الزنديق الداعي والملحد وما بعده فيكفي فيه إظهاره للإسلام وإن كان كافرا أصليا فعلم أن المراد بيان جملة من لا تقبل توبته سواء كان مسلما ارتد أو لم يرتد أو كان كافرا أصليا؛ وعليه فكان المناسب ذكر قطاع الطريق، وكذا أهل الأهواء كما مر عن التمهيد، وكذا العواني كما مر في باب التعزير، وكذا كل من وجب عليه حد زنا أو سرقة أو قذف أو شرب. وأما ذكر ساب النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد الشيخين فقد علمت ما فيه. (قوله المرأة) يستثنى منها المرتدة بالسحر كما مر وهو الأصح كما في البحر (قوله والخنثى) أي المشكل فإنه إذا ارتد لم يقتل ويحبس ويجبر على الإسلام بحر عن التتارخانية (قوله ومن إسلامه تبعا) صوابه تبع. ا هـ. ح. قال في البحر عن البدائع: صبي أبويه مسلمان حتى حكم بإسلامه تبعا لأبويه فبلغ كافرا ولم يسمع منه إقرار باللسان بعد البلوغ لا يقتل لانعدام الردة منه إذ هي اسم للتكذيب بعد سابقة التصديق ولم يوجد منه التصديق بعد البلوغ، حتى لو أقر بالإسلام ثم ارتد بقتل ولكنه في الأولى يحبس لأنه كان له حكم الإسلام قبل البلوغ تبعا، والحكم في أكسابه كالحكم في أكساب المرتد لأنه مرتد حكما ا هـ. (قوله والصبي إذا أسلم) أي استقلالا بنفسه لا تبعا لأبويه وإلا فهو المسألة المارة، وأطلق عدم قتله فشمل ما بعد البلوغ. ففي البحر: لو بلغ مرتدا لا يقتل استحسانا لقيام الشبهة باختلاف العلماء في صحة إسلامه، وسيأتي الكلام في إسلامه وردته: وبقي مسألة أخرى ذكرها في البحر والفتح عن المبسوط، وهي ما لو ارتد الصبي في صغره. فعلم أن الأولى فيما إذا ارتد حال البلوغ: أي قبل أن يقر بالإسلام (قوله والمكره على الإسلام) لأن الحكم بإسلامه من حيث الظاهر لأن قيام السيف على رأسه ظاهر في عدم الاعتقاد فيصير شبهة في إسقاط القتل فتح، وفيه بعد نقله هذه المسائل عن المبسوط. قال: وفي كل ذلك يجبر على الإسلام، ولو قتله قاتل قبل أن يسلم لا يلزمه شيء (قوله ثم رجعا) لأن الرجوع شبهة الكذب في الشهادة (قوله ومن ثبت إسلامه بشهادة رجل وامرأتين) هذا على رواية النوادر كما ستراه ح (قوله وقيل تقبل) يوهم أن المسألة الأولى اتفاقية وليس كذلك ويمكن إرجاعه للمسألتين (قوله ولو على نصرانية قبلت اتفاقا) لأن المرتدة لا تقتل بخلاف المرتد ولكنها تجبر على الإسلام وهذا كله قول الإمام. وفي النوادر: تقبل شهادة رجل وامرأتين على الإسلام وشهادة نصرانيين على نصراني أنه أسلم وهذا هو الذي في آخر كراهية الدرر كما في ح واعتمد قاضي خان قول الإمام بعدم القتل بشهادة النساء وإن كان يجبر على الإسلام لأن أي نفس كانت لا تقتل بشهادة النساء ط عن نوح أفندي (قوله من ولدته المرتدة بيننا) لأنه يجبر على الإسلام كأمه لكنه لا يقتل كمن كان إسلامه تبعا لأبويه ولم يصف الإسلام فبلغ كافرا كما مر، وقوله بيننا أي المسلمين غير قيد لما سيأتي من أن الزوجين لو ارتدا معا فولدت ولدا يجبر بالضرب على الإسلام وإن حبلت به ثمة (قوله والسكران إذا أسلم) يعني فإن إسلامه يصح، فإن ارتد لا يقتل كالصبي العاقل إذا ارتد بحر عن التتارخانية. قلت: أي إن ارتد بعد صحوه لا يقتل لأن في إسلامه شبهة (قوله لأن إسلامه حكمي) أي بتبعية الدار كما سيأتي في بابه (قوله وفي الاستحسان يصح) وهو المعمول به رملي وهو الصواب ط عن بعض العلماء. قلت: ووجهه أن الحربي إنما يقاتل على الإسلام أصالة فلا يتأتى فيه قياس واستحسان، بخلاف الذمي فإنه بعد التزام الذمة لا يقاتل عليه، فالقياس أن لا يصح إسلامه بالإكراه: كما لا تصح ردة المسلم به. وفي الاستحسان يصح، لكن لو ارتد لا يقتل وتقدم وجهه (قوله فالمستثنى أربعة عشر) لأن المكره تحته ثلاثة: الحربي والذمي والمستأمن، وشهادة نصرانيين على نصراني أو نصرانية صورتان، والباقي ظاهر. (قوله لأن إنكاره توبة ورجوع) ظاهره ولو بدون إقرار بالشهادتين، وهو ظاهر قول المتون أول الباب، وإسلامه أن يتبرأ عن الأديان حيث لم يذكروا الإقرار بالشهادتين. ويحتمل أن يكون المراد الإنكار مع الإقرار بهما، ويؤيده ما في كافي الحاكم، وإذا رفعت المرتدة إلى الإمام فقالت ما ارتددت وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله كان هذا توبة منها تأمل. ثم رأيت في البيري على الأشباه قال: كون مجرد الإنكار توبة غير مراد بل ذلك مقيد بثلاثة قيود. قال في الذخيرة عن بشر بن الوليد: إذا جحد المرتد الردة وأقر بالتوحيد وبمعرفة رسول الله عليه الصلاة والسلام وبدين الإسلام فهذا منه توبة ا هـ. (قوله كحبط عمل) يأتي الكلام عليه (قوله وبطلان وقف) أي الذي وقفه حال إسلامه سواء كان على قربة ابتداء أو على ذريته ثم على المساكين لأنه قربة ولا بقاء لها مع وجود الردة، وإذا عاد مسلما لا يعود وقفه إلا بتجديد منه، وإذا مات أو قتل أو لحق كان الوقف ميراثا بين ورثته بحر عن الخصاف. (قوله وبينونة زوجة) وتكون فسخا عندهما. وقال محمد: فرقة بطلاق ولو هي المرتدة فبغير طلاق إجماعا، ثم إذا تاب وأسلم ترتفع تلك البينونة بيري عن شرح الطحاوي، وأقره السيد أبو السعود في حاشية الأشباه. قلت: والظاهر أن قوله ترفع أصله لا ترتفع فسقطت لفظة لا النافية من قلم الناسخ وإلا فهو مخالف لفروعهم الكثيرة المقررة في باب نكاح الكافر وغيره المصرحة بلزوم تجديد النكاح، ومنها ما يأتي قريبا، وصرح في البحر عن العناية أن البينونة لا تتوقف على إسلامه كبطلان وقفه فإنه لا يعود صحيحا بإسلامه تأمل (قوله لو فيما تقبل توبته) شرط في قوله السابق فيمتنع القتل ط (قوله كما مر) قدمنا ما فيه (قوله وقد رأيت من يغلط في هذا المحل) أي حيث فهم أن الشهادة لا تقبل أصلا حتى في بقية الأحكام المذكورة (قوله فالمستثنى أربعة عشر) صوابه خمسة عشر لأن هذا زائد على ما تقدم. والوجه فيه أنه لم يتب حقيقة وإنما تاب حكما بجعل إنكاره توبة فهو داخل في المسلم الذي ارتد ولم يتب ط (قوله وأولاده أولاد زنا) كذا في فصول العمادي، لكن ذكر في [نور العين] ويجدد بينهما النكاح إن رضيت زوجته بالعود إليه وإلا فلا تجبر، والمولود بينهما قبل تجديد النكاح بالوطء بعد الردة يثبت نسبه منه لكن يكون زنا ا هـ. قلت: ولعل ثبوت النسب لشبهة الخلاف فإنها عند الشافعي لا تبين منه تأمل (قوله والتوبة) أي تجديد الإسلام (قوله وتجديد النكاح) أي احتياطا كما في الفصول العمادية. وزاد فيها قسما ثالثا فقال: وما كان خطأ من الألفاظ ولا يوجب الكفر فقائله يقر على حاله، ولا يؤمر بتجديد النكاح ولكن يؤمر بالاستغفار والرجوع عن ذلك، وقوله احتياطا أي يأمره المفتي بالتجديد ليكون وطؤه حلالا باتفاق، وظاهره أنه لا يحكم القاضي بالفرقة بينهما، وتقدم أن المراد بالاختلاف ولو رواية ضعيفة ولو في غير المذهب (قوله بخلاف المرتدة) أي فإنها تسترق بعد اللحاق بدار الحرب وتجبر على الإسلام بالضرب والحبس ولا تقتل كما صرح به في البدائع، ولا يكون استرقاقها مسقطا عنها الجبر على الإسلام؛ كما لو ارتدت الأمة ابتداء فإنها تجبر على الإسلام بحر (قوله ويزول ملك المرتد إلخ) أي خلافا لهما. وفي البدائع: لا خلاف أنه إذا أسلم فأمواله باقية على ملكه، وأنه إذا مات أو قتل أو لحق تزول عن ملكه، وإنما الخلاف في زوالها بهذه الثلاثة مقصورا على الحال عندهما ومستندا إلى وقت وجود الردة عنده. وتظهر الثمرة في تصرفاته، فعندهما نافذة قبل الإسلام، وعنده موقوفة لوقوف أملاكه ا هـ. قيد بالملك لأنه لا توقف في إحباط طاعته وفرقة زوجته وتجديد الإيمان فإن الارتداد فيها عمل عمله كذا في العناية، وتقدم أن من عباداته التي بطلت وقفه وأنه لا يعود بإسلامه، وكذا لا توقف في بطلان إيجاره واستئجاره ووصيته وإيصائه وتوكيله ووكالته، وتمامه في البحر. قلت: ويستثنى من فرقة الزوجة ما لو ارتدا معا فإنه يبقى النكاح كما صرح به في العناية. وفي البحر: وأفاد أن الكلام في الحر، ولذا قال في الخانية: وتصرف المكاتب في ردته نافذ في قولهم. زاد في النهر عن السراج وكسبه حال الردة لمولاه (قوله فإن أسلم إلخ) جملة مفسرة لما قبلها ط. (قوله ورث كسب إسلامه وارثه المسلم) أشار إلى أن المعتبر وجود الوارث عند الموت أو القتل أو الحكم باللحاق، وهو رواية محمد عن الإمام، وهو الأصح وروي عنه اعتبار وقت الردة، وروي اعتبارهما معا، فعلى الأصح لو كان له ولد كافر أو عبد يوم الردة فعتق أو أسلم بعدها قبل أحد الثلاثة ورثه، وكذا لو ولد من علوق حادث بعدها إذا كان مسلما تبعا لأمه بأن علق من أمة مسلمة وتمامه في البحر، لكن قوله أو الحكم باللحاق خلاف الأصح فإن الأصح وهو ظاهر الرواية اعتبار وجود الوارث عند اللحاق، وروي عند الحكم به كما في شرح السير الكبير (قوله ولو زوجته) لأنه بالردة كأنه مرض مرض الموت لاختياره سبب المرض بإصراره على الكفر مختارا حتى قتل نهر (قوله بشرط العدة) قال في النهر: هذا يقتضي أن غير المدخول بها لا ترث لصيرورتها بالردة أجنبية، وليست الردة موتا حقيقيا بدليل أن المدخولة إنما تعتد بعد موته بالحيض لا بالأشهر، فلا تنتهض سببا للإرث، والإرث وإن استند إلى الردة لكن يتقرر عند الموت، هذا حاصل ما في الفتح. ا هـ. (قوله بعد قضاء دين إسلامه إلخ) هذا أعني قضاء دين إسلامه من كسب الإسلام ودين الردة من كسبها رواه زفر عن الإمام. وروى أبو يوسف عنه أنه من كسب الردة إلا أن لا يفي فيقضي الباقي من كسب الإسلام. وروى الحسن عنه أنه من كسب الإسلام إلا أن لا يفي فيقتضي الباقي من كسب الردة قال في البدائع والولوالجية وهو الصحيح لأن دين الميت إنما يقضى من ماله وهو كسب إسلامه، فأما كسب الردة فلجماعة المسلمين فلا يقتضي منه الدين إلا لضرورة فإذا لم يف تحققت نهر، فما في المتن تبعا للكنز ضعيف كما في البحر. قلت: لكن الحكم عليه بالضعف غير مسلم فإنه جرى عليه أصحاب المتون كالمختار والوقاية والمواهب والملتقى وهي موضوعة لنقل المذهب كما صرحوا به. [تنبيه] في القهستاني: هذا إذا كان له كسبان وإلا قضي مما كان بلا خلاف، وهذا أيضا إذا ثبت الدين بغير الإقرار وإلا ففي كسب الردة (قوله وكسب ردته فيء) أي للمسلمين فيوضع في بيت المال قهستاني، والمراد ما اكتسبه قبل اللحاق. أما ما اكتسبه في دار الحرب فهو لابنه الذي ارتد ولحق معه إذا مات مرتدا لأنه اكتسبه وهو من أهل الحرب وهم يتوارثون فيما بينهم، فلو لحق معه ابن مسلم ورث كسب إسلامه فقط، وتمامه في شرح السير (قوله وقالا ميراث أيضا) لأن زوال ملكه عندهما مقصور على الحال كما مر (قوله ككسب المرتدة) فإنه لورثتها، ويرثها زوجها المسلم إن ارتدت وهي مريضة لقصدها إبطال حقه، وإن كانت صحيحة لا يرثها لأنها لا تقتل فلم يتعلق حقه بما لها بالردة، بخلاف المرتد. والحاصل أن زوجة المرتد ترث منه مطلقا وزوج المرتدة لا يرثها إلا إذا ارتدت وهي مريضة بحر وسيأتي أيضا (قوله وإن حكم بلحاقه) كان الأولى للمصنف أن يذكر الحكم باللحاق أولا كما عبر الشارح ويقول وعتق مدبره إلخ عطفا على ورث لئلا يوهم اختصاص العتق بالحكم باللحاق وإن كان يفهم منه أن الموت والقتل مثله فإنه تطويل بلا فائدة كما أفاده ح (قوله من ثلث ماله) الظاهر أن المراد به كسب الإسلام ح وبه جزم ط بناء على ما مر من الصحيح (قوله وحل دينه) لأنه باللحاق صار من أهل الحرب وهم أموات في حق أحكام الإسلام فصار كالموت إلا أنه لا يستقر لحاقه إلا بالقضاء لاحتمال العود. وإذا تكرر موته تثبت الأحكام المتعلقة به كما ذكر نهر (قوله ويؤدي مكاتبه) أي يؤدي بدل كتابته (قوله والولاء للمرتد) أي لورثته ابتداء فيرثه العصبة بنفسه، بخلاف ما إذا كان للورثة فإنه يدخل فيه الإناث ط. (قوله وينبغي إلخ) اعلم أن بعضهم لا يشترط القضاء باللحاق بل يكتفي بالقضاء بحكم من أحكامه، وعامتهم على أنه يشترط القضاء به سابقا على القضاء بالأحكام أفاده في المجتبى ونحوه في الفتح. وظاهره أن القضاء باللحاق قصدا صحيح، وينبغي أن لا يصح إلا في ضمن دعوى حق للعبد لأن اللحاق كالموت، ويوم الموت لا يدخل تحت القضاء فينبغي أن لا يدخل اللحاق تحت القضاء قصدا بحر. قال في النهر: وأقول ليس معنى الحكم بإلحاقه سابقا على هذه الأمور أن يقول ابتداء حكمت بلحاقه، بل إذا ادعى مدبر مثلا على وارثه أنه لحق بدار الحرب مرتدا وأنه عتق بسببه وثبت ذلك عند القاضي حكم أولا بلحاقه ثم يعتق ذلك المدبر كما يعرف ذلك من كلامهم ا هـ. ونحوه في شرح المقدسي. والحاصل أن ما في المجتبى من الخلاف معناه أنه لو حكم القاضي بعتق المدبر يكفي عند البعض لثبوت اللحاق ضمنا، وأما عند العامة فلا بد من حكمه أولا باللحاق لأنه السبب، وفي كونه في حكم الموت خلاف الشافعي فلشبهة الخلاف لا بد من الحكم به أولا ثم بالعتق، وليس المراد أنه يحكم باللحاق قبل دعوى المدبر مثلا حتى يرد ما قاله في البحر، فقول الشارح إلا في ضمن دعوى حق العبد معناه أن يسبق دعوى حق العبد، فيحكم به أولا ثم بما ادعاه العبد لأنه الذي في النهر، وليس المراد أنه يكتفي عن الحكم به بالحكم بما ادعاه ليثبت الحكم باللحاق في ضمن الحكم الأول فافهم (قوله واعلم إلخ) بيان لتصرفه حال ردته بعد بيان حكم أملاكه قبل ردته بحر (قوله على أربعة أقسام) نافذ اتفاقا، باطل اتفاقا، موقوف اتفاقا موقوف عنده نافذ عندهما ط (قوله ما لا يعتمد تمام ولاية) قال الزيلعي لأنها لا تستدعي الولاية ولا تعتمد حقيقة الملك حتى صحت هذه التصرفات من العبد مع قصور ولايته. ا هـ. ط (قوله الاستيلاد) صورته إذا جاءت بولد فادعاه ثبت نسبه منه، ويرث ذلك الولد مع ورثته وتصير الجارية أم ولد له بحر ط (قوله والطلاق) أي ما دامت في العدة لأن الحرمة بالردة غير متأبدة لارتفاعها بالإسلام فيقع طلاقه عليها في العدة، بخلاف حرمة المحرمية فإنها لا غاية لها فلا يفيد لحوق الطلاق فائدة فتح من باب نكاح الكافر، وقدمنا هناك عن الخانية أن طلاقه إنما يقع قبل لحوقه، فلو لحق بدار الحرب فطلق امرأته لا يقع إلا إذا عاد مسلما وهي في العدة فطلقها. وأورد أنه كيف يتصور طلاقه وقد بانت بردته. وأجيب بأنه لا يلزم من وقوع البينونة امتناع الطلاق، وقد سلف أن المبانة يلحقها الصريح في العدة بحر أي ولو كان الواقع بذلك الصريح بائنا كالطلاق الثلاث أو على مال وكذا لو قال أنت طالق بائن، وأما قولهم إن البائن لا يلحق البائن فذاك إذا أمكن جعله إخبارا عن الأول؛ حتى لو قال أبنتك بأخرى يقع كما تقدم في الكنايات فافهم (قوله وتسليم الشفعة والحجر) قال في البحر: ولا يمكن توقف التسليم لأن الشفعة بطلت به مطلقا. وأما الحجر فيصح بحق الملك فبحقيقة الملك الموقوف أولى. ا هـ. قلت: ومفهومه أن له قبل إسلامه الأخذ بالشفعة. والذي في شرح السير أن ذلك قول محمد. وفي قول أبي حنيفة لا شفعة له حتى يسلم، فلو لم يسلم ولم يطلب بطلت شفعته لتركه الطلب بعد التمكن بأن يسلم (قوله ما يعتمد الملة) أي ما يكون الاعتماد في صحته على كون فاعله معتقدا ملة من الملل ط أي والمرتد لا ملة له أصلا لأنه لا يقر على ما انتقل إليه، وليس المراد ملة سماوية لئلا يرد النكاح فإن نكاح المجوسي والوثني صحيح ولا ملة لهما سماوية بل المراد الأعم (قوله النكاح) أي ولو لمرتدة مثله (قوله والذبيحة) الأولى والذبح لأنه من التصرفات (قوله والصيد) أي بالكلب والبازي ومثله الرمي بحر (قوله والشهادة) أي أداؤها لا تحملها ط. وذكر في الأشباه عن شهادات الولوالجية أنه يبطل ما رواه لغيره من الحديث فلا يجوز للسامع منه أن يرويه عنه بعد ردته ا هـ. ولكن كلامنا فيما فعله في ردته وهذا قبلها. (قوله الإرث) فلا يرث أحدا ولا يرثه أحد مما اكتسبه في ردته، بخلاف كسب إسلامه فإنه يرثه ورثته كما مر لاستناده إلى ما قبلها فهو إرث مسلم من مثله والكلام في إرث المرتد فافهم (قوله ما يعتمد المساواة) أي بين المتعاقدين في الدين (قوله وهو المفاوضة) فإذا فاوض مسلما توقفت اتفاقا، فإن أسلم نفذت، وإن هلك بطلت، وتصير عنانا من الأصل عندهما، وتبطل عنده بحر عن الخانية (قوله أو ولاية متعدية) أي إلى غيره قوله ويتوقف منه عند الإمام) بناء على زوال الملك كما سلف نهر (قوله وينفذ عندهما) إلا أنه عند أبي يوسف تصح كما تصح من الصحيح لأن الظاهر عوده إلى الإسلام. وعند محمد كما تصح من المريض لأنها تفضي إلى القتل ظاهرا عن البحر (قوله والصرف والسلم) من عطف الخاص لأنهما من عقود المبايعة ط (قوله والهبة) هي من قبيل المبادلة إن كانت بعوض كما في النهر، ومن قبيل التبرع إن لم تكن ح (قوله والرهن) لأنه مضمون عند الهلاك بالدين فهو معاوضة مآلا (قوله والصلح عن إقرار) أي فيكون مبادلة وأما إذا كان عن إنكار أو سكوت فالمذكور في كتاب الصلح أنه معاوضة في حق المدعي، وفداء يمين وقطع نزاع في حق الآخر. ومقتضاه أنه إن كان المرتد مدعيا فهو داخل في عقود المبادلة، وإن كان المدعى عليه يدخل في عقد التبرع أفاده ط، لكن في كونه تبرعا نظر لأنه لم يدفع المال مجانا بل مفاداة ليمينه، فهو خارج عن مبادلة المال بالمال وعن عقد التبرع تأمل (قوله لأنه مبادلة حكمية) وجهه ما قالوا إن الدين يقضى بمثله وتقع المقاصة، فقابض الدين أخذ بدل ما تحقق في ذمة المدين ط (قوله والوصية) أي التي في حال ردته، أما التي في حال إسلامه فالمذكور في ظاهر الرواية من المبسوط وغيره أنها تبطل قربة كانت أو غير قربة من غير ذكر خلاف وتمامه في الشرنبلالية عن الفتح (قوله وبقي إلخ) لما فرغ من ذكر المنقول في الأقسام الأربعة ذكر أشياء لم يصرحوا بها فافهم (قوله ولا شك في بطلانهما) أما الأمان فلأنه لا يصح من الذمي فمن المرتد أولى. وأما العقل فلأن المرتد لا ينصر ولا ينصر والعقل بالنصرة ح (قوله فينبغي عدم جوازها) عبارة النهر: فلا ينبغي التردد في جوازها منه ا هـ. فلفظة عدم من سبق القلم (قوله بطل ذلك كله) الإشارة ترجع إلى المتوقف اتفاقا والمتوقف عند الإمام ط (قوله فكأنه لم يرتد) فلا يعتق مدبره وأم ولده، ولا تحل ديونه، وله إبطال ما تصرف فيه الوارث لكونه فضوليا بحر، وما مع وارثه يعود لملكه بلا قضاء ولا رضا من الوارث در منتقى. قلت: وكذا يبطل ما تصرف فيه بنفسه بعد اللحاق قبل الحكم به، كما لو أعتق عبده الذي في دار الإسلام أو باعه من مسلم في دار الحرب ثم رجع تائبا قبل الحكم بلحاقه فماله مردود عليه وجميع ما صنع فيه باطل لأنه باللحاق زال ملكه، وإنما توقف على القضاء دخوله في ملك وارثه، فتصرفه بعد اللحاق صادف مالا غير مملوك له فلا ينفذ، وإن عاد إلى ملكه بعد كالبائع بشرط خيار المشتري إذا تصرف في المبيع لا ينفذ وإن عاد إلى ملكه بفسخ المشتري، نعم لو أقر بحرية العبد أو بأنه لفلان صح لأنه ليس بإنشاء التصرف بل هو إقرار لازم كما لو أقر بعبد الغير ثم ملكه ملخصا من شرح السير الكبير (قوله وكما لو عاد بعد الموت الحقيقي) أي لو أحيا الله تعالى ميتا حقيقة وأعاده إلى دار الدنيا كان له أخذ ما في يد ورثته بحر إلا أنه ذكره بعد عود من حكم بلحاقه وكذا ذكره الزيلعي فكان على الشارح ذكره بعد قوله وإن جاء بعده كما أفاده ح (قوله بقضاء أو رضا) لأن بقضاء القاضي بلحاقه صار المال ملكا لورثته فلا يعود إلا بالقضاء، ألا ترى أن الوارث لو أعتق العبد بعد رجوع المرتد قبل القضاء برد المال عليه نفذ عتقه ولم يضمن للمرتد شيئا كما لو أعتقه قبل رجوع المرتد، وبهذا يستدل على أنه لا ينفذ عتق المرتد لأن العتق يستدعي حقيقة الملك شرح السير، ونقله في البحر عن التتارخانية، وبه جزم الزيلعي. (قوله ولو في بيت المال لا) قال في النهر: وفي قوله وإرثه إيماء إلى أنه لا حق له فيما وجده من كسب ردته لأن أخذه ليس بطريق الخلافة عنه بل لأنه فيء، ألا ترى أن الحربي لا يسترد ماله بعد إسلامه، وهذا وإن لم نره مسطورا إلا أن القواعد تؤيده وأصل البحث لصاحب البحر. وظاهره أن ما وضع في بيت المال لعدم الوارث له أخذه، ففي كلام الشرح إبهام كما أفاده السيد أبو السعود (قوله أو أزاله الوارث عن ملكه) سواء كان بسبب يقبل الفسخ كبيع أو هبة، أو لا يقبله كعتق أو تدبير واستيلاد فإنه يمضي ولا عود له فيه ولا يضمنه ا هـ. فتح (قوله وله ولاء مدبره وأم ولده) أفاد أنهم لا يعودون في الرق لأن القضاء بعتقهم قد صح والعتق بعد نفاذه لا يقبل البطلان فتح (قوله ومكاتبه له) مبتدأ وخبر (قوله إن لم يؤد) أي إلى الورثة بدل الكتابة فيأخذها من المكاتب. وأما إن أداه إليهم فلا سبيل له عليه لأنه عتق بأداء المال والعتق لا يحتمل الفسخ، ويأخذ منهم المال لو قائما وإلا لا ضمان عليهم كسائر أمواله بحر. مطلب المعصية تبقى بعد الردة (قوله والمعصية تبقى بعد الردة) نقل ذلك مع التعليل قبله في الخانية عن شمس الأئمة الحلواني. قال القهستاني: وذكر التمرتاشي أنه يسقط عند العامة ما وقع حال الردة وقبلها من المعاصي، ولا يسقط عند كثير من المحققين ا هـ. وتمامه فيه. قلت: والمراد أنه يسقط عند العامة بالتوبة والعود إلى الإسلام للحديث: «الإسلام يجب ما قبله» وأما في حال الردة فيبقى ما فعله فيها أو قبلها إذا مات على ردته لأنه بالردة ازداد فوقه ما هو أعظم منه فكيف تصلح ماحية له بل الظاهر عود معاصيه التي تاب منها أيضا لأن التوبة طاعة وقد حبطت طاعاته، ويدل له ما في التتارخانية عن السراجية: من ارتد ثم أسلم ثم كفر ومات فإنه يؤاخذ بعقوبة الكفر الأول والثاني وهو قول الفقيه أبي الليث ا هـ. ثم لا يخفى أن هذا الحديث يؤيد قول العامة: ولا ينافيه وجوب قضاء ما تركه من صلاة أو صيام ومطالبته بحقوق العباد لأن قضاء ذلك كله ثابت في ذمته، وليس هو نفس المعصية وإنما المعصية إخراج العبادة عن وقتها وجنايته على العبد فإذا سقطت هذه المعصية لا يلزم سقوط الحق الثابت في ذمته، كما أجاب بعض المحققين بذلك عن القول بتكفير الحج المبرور الكبائر، والله سبحانه وتعالى أعلم.(قوله وما أدى منها فيه يبطل) في التتارخانية معزيا إلى التتمة قيل له لو تاب تعود حسناته؟ قال: هذه المسألة مختلفة فعند أبي علي وأبي هاشم وأصحابنا أنه يعود. وعند أبي القاسم الكعبي لا، ونحن نقول إنه لا يعود ما بطل من ثوابه لكنه تعود طاعاته المتقدمة مؤثرة في الثواب بعد ا هـ. بحر. مطلب لو تاب المرتد هل تعود حسناته وفي شرح المقاصد للمحقق التفتازاني في بحث التوبة: ثم اختلفت المعتزلة في أنه إذا سقط استحقاق عقاب المعصية بالتوبة هل يعود استحقاق ثواب الطاعة الذي أبطلته تلك المعصية؟ فقال أبو علي وأبو هاشم: لا لأن الطاعة تنعدم في الحال وإنما يبقى استحقاق الثواب وقد سقط والساقط لا يعود. وقال الكعبي: نعم لأن الكبيرة لا تزيل الطاعة وإنما تمنع حكمها وهو المدح والتعظيم فلا تزيل ثمرتها فإذا صارت بالتوبة كأن لم تكن ظهرت ثمرة الطاعة كنور الشمس إذا زال الغيم. وقال بعضهم: وهو اختيار المتأخرين لا يعود ثوابه السابق لكن تعود طاعته السالفة مؤثرة في استحقاق ثمراته وهو المدح، والثواب في المستقبل بمنزلة شجرة احترقت بالنار أغصانها وثمارها ثم انطفأت النار فإنه يعود أصل الشجرة وعروقها إلى خضرتها وثمرتها ا هـ. وهذا يفيد أن الخلاف بين أبي علي وأبي هاشم وبين الكعبي على عكس ما مر وأن الخلاف في إحباط الكبائر للطاعات لأن هؤلاء الجماعة من المعتزلة. وعندهم أن الكبيرة تخرج صاحبها من الإيمان لكنها لا تدخله في الكفر وإن كان يخلد في النار، ويلزم من إخراجه من الإيمان حبط طاعاته، فالكبيرة عندهم من هذه الجهة بمنزلة الردة عندنا فيصح نقل الخلاف المذكور إلى الردة تأمل (قوله إلا الحج) لأن سببه البيت المكرم وهو باق، بخلاف غيره من العبادات التي أداها لخروج سببها: ولهذا قالوا: إذا صلى الظهر مثلا ثم ارتد ثم تاب في الوقت يعيد الظهر لبقاء السبب وهو الوقت، ولذا اعترض اقتصاره على ذكر الحج وتسميته قضاء، بل هو إعادة لعدم خروج السبب (قوله لأنه بالردة إلخ) علة لقوله ولا يقضي ولقوله إلا الحج ط (قوله أصاب مالا) أي أخذ، وقوله أو شيئا أي فعل شيئا إلخ ط (قوله يعني المال المسروق لا الحد) الأولى ذكره عند قول المصنف يؤاخذ به، وليس ذلك في عبارة الخانية ولا هو محل إيهام؛ لأن قوله أو حد مرفوع عطفا على فاعل يجب لا منصوب عطفا على مفعول أصاب حتى يحتاج للتأويل (قوله وأصله) أي القاعدة فيما ذكر ط (قوله أنه يؤاخذ بحق العبد) أي لا يسقط عنه بالردة إلا إذا كان ممن لا يقتل بها كالمرأة ونحوها إذا لحقت بدار الحرب فسبيت فصارت أمة يسقط عنها جميع حقوق العباد إلا القصاص في النفس فإنه لا يسقط بيري عن شرح الطحاوي (قوله ففيه التفصيل) وهو أنه يقضي ما ترك من عبادة في الإسلام كما مر. وأما الحدود. ففي شرح السير: لو أصاب المسلم مالا أو ما يجب به القصاص أو حد القذف ثم ارتد أو أصابه وهو مرتد ثم لحق ثم تاب فهو مأخوذ به لا لو أصابه بعد اللحاق ثم أسلم. وما أصابه المسلم من حدود الله تعالى في زنا أو سرقة أو قطع طريق ثم ارتد أو أصابه بعد الردة ثم لحق ثم أسلم فهو موضوع عنه إلا أنه يضمن المال المسروق، والدم في قطع الطريق بالقصاص أو الدية لو خطأ على العاقلة لو قبل الردة، وفي ماله لو بعدها. وما أصابه من حد الشرب ثم ارتد ثم أسلم قبل اللحاق لا يؤخذ به، وكذا لو أصابه وهو مرتد محبوس في يد الإمام ثم أسلم لأن الحدود زواجر عن أسبابها فلا بد من اعتقاد المرتكب حرمة السبب، ويؤخذ بما سواه من حدوده تعالى لاعتقاده حرمة السبب وتمكن الإمام من إقامته لكونه في يده، فإن لم يكن في يده حين أصابه ثم أسلم قبل اللحاق لا يؤخذ به أيضا ا هـ. ملخصا (قوله أو الدية) أي على عاقلته إن أصاب ذلك قبل الردة، وفي ماله إن أصابه بعدها كما مر (قوله وحاربنا زمانا) تأكيد لقوله ثم لحق وكذا بدون ذلك بالأولى. (قوله أخبرت بارتداد زوجها) أي من رجلين أو رجل وامرأتين على رواية السير. وعلى رواية كتاب الاستحسان: يكفي خبر الواحد العدل لأن حل التزوج وحرمته أمر ديني كما لو أخبر بموته. والفرق على الرواية الأولى أن ردة الرجل يتعلق بها استحقاق القتل كما في شرح السير الكبير للسرخسي. ونقل المصنف عنه أن الأصح رواية الاستحسان، ومثله في الشرنبلالية معللا بأن المقصود الإخبار بوقوع الفرقة لا إثبات الردة (قوله أو تطليقه ثلاثا) ينبغي أن يكون البائن مثله، وظاهره أنها في الرجعي لا يجوز لها التزوج ولعله لاحتمال المراجعة وليحرر ط (قوله فأتاها بكتاب) ظاهره أن غير الثقة لو لم يأتها بكتاب لا يحل لها وإن كان أكبر رأيها صدقه تأمل (قوله لا بأس بأن تعتد) أي من حين الطلاق أو الموت لا من حين الإخبار فيما يظهر تأمل. ثم لا يخفى أنه إذا ظهرت حياته أو أنكر الطلاق أو الردة ولم تقم عليه بينة شرعية ينفسخ النكاح الثاني وتعود إليه (قوله تحبس) لم يذكر ضربها في ظاهر الرواية. وعن الإمام أنها تضرب في كل يوم ثلاثة أسواط. وعن الحسن تسعة وثلاثين إلى أن تموت أو تسلم، وهذا قتل معنى لأن موالاة الضرب تفضي إليه كذا في الفتح. واختار بعضهم أنها تضرب خمسة وسبعين سوطا، وهذا ميل إلى قول الثاني في نهاية التعزير. وقال في الحاوي القدسي: وهو المأخوذ به في كل تعزير بالضرب نهر وجزم الزيلعي بأنها تضرب في كل ثلاثة أيام. وظاهر الفتح تضعيف ما مر، والظاهر اختصاص الضرب والحبس بغير الصغيرة تأمل، وسنذكر ما يؤيده (قوله ولا تقتل) يستثنى الساحرة كما تقدم، وكذا من أعلنت بشتم النبي صلى الله عليه وسلم كما مر في الجزية (قوله خلافا للشافعي) أي وباقي الأئمة، والأدلة مذكورة في الفتح (قوله لا يضمن شيئا) لكنه يؤدب على ذلك لارتكابه ما لا يحل بحر (قوله وليس للمرتدة التزوج بغير زوجها) في كافي الحاكم: وإن لحقت بدار الحرب كان لزوجها أن يتزوج أختها قبل أن تنقضي عدتها، فإن سبيت أو عادت مسلمة لم يضر ذلك نكاح الأخت وكانت فيئا إن سبيت وتجبر على الإسلام، وإن عادت مسلمة كان لها أن تتزوج من ساعتها. ا هـ. وظاهره أن لها التزوج بمن شاءت، لكن قال في الفتح: وقد أفتى الدبوسي والصفار وبعض أهل سمرقند بعدم وقوع الفرقة بالردة ردا عليها، وغيرهم مشوا على الظاهر ولكن حكموا بجبرها على تجديد النكاح مع الزوج ويضرب خمسة وسبعين سوطا واختاره قاضي خان للفتوى. ا هـ. (قوله وعن الإمام) أي في رواية النوادر كما في الفتح (قوله ولو أفتى به إلخ) في الفتح: قيل ولو أفتى بهذه لا بأس به فيمن كانت ذات زوج حسما لقصدها السيئ بالردة من إثبات الفرقة (قوله وتكون قنة للزوج بالاستيلاء) قال في الفتح: قيل وفي البلاد التي استولى عليها التتر وأجروا أحكامهم فيها ونفوا المسلمين كما وقع في خوارزم وغيرها إذا استولى عليها الزوج بعد الردة ملكها لأنها صارت دار حرب في الظاهر من غير حاجة إلى أن يشتريها من الإمام. ا هـ. (قوله وفي الفتح إلخ) هذا ذكره في الفتح قبل الذي نقلناه عنه آنفا. وحاصله أنها إذا ارتدت في دار الإسلام صارت فيئا للمسلمين فتسترق على رواية النوادر بأن يشتريها من الإمام أو يهبها له. أما لو ارتدت فيما استولى عليه الكفار وصار دار حرب فله أن يستولي عليها بنفسه بلا شراء ولا هبة كمن دخل دار الحرب متلصصا وسبى منهم، وهذا ليس مبنيا على رواية النوادر لأن الاسترقاق وقع في دار الحرب لا في دار الإسلام (قوله وصح تصرفها) أي لا تتوقف تصرفاتها من مبايعة ونحوها بخلاف المرتد، نعم يبطل منها ما يبطل من تصرفاته المارة (قوله لأنها لا تقتل) فلم تكن ردتها سببا لزوال ملكها فجاز تصرفها في مالها بالإجماع بحر عن البدائع. قال المقدسي: فلو كانت ممن يجب قتلها كالساحرة والزنديقة ينبغي أن تلحق بالمرتد (قوله وأكسابها مطلقا لورثتها) أي سواء كانت كسب إسلام أو كسب ردة. قال في النهر تبعا للبحر: وينبغي أن يلحق بها من لا يقتل إذا ارتد لشبهة في إسلامه كما مر (قوله لو مريضة) لأنها تكون فارة كما قدمناه (قوله لو صحيحة) أي لو ارتدت حال كونها صحيحة (قوله فلم تكن فارة) لأنها إذا كانت لا تقتل لم تكن ردتها في حكم مرض الموت فلم تكن فارة فلا يرثها لأنها بانت منه وقد ماتت كافرة، بخلاف ردته لأنها في حكم مرض الموت مطلقا فترثه مطلقا (قوله فتأمل.) ما ذكره في الزواهر مفهوم مما قبله، وقدمنا التصريح به عن البحر وتقدم متنا في باب طلاق المريض أيضا فلم يظهر وجه الأمر بالتأمل، نعم يوجد في بعض النسخ قبل قوله قلت ما نصه: ويرثها زوجها المسلم استحسانا إن ماتت في العدة وترث المرتدة زوجها المرتد اتفاقا خانية. قلت: وفي الزواهر إلخ، وعليه فالأمر بالتأمل وارد على إطلاق قول الخانية ويرثها زوجها المسلم، والله سبحانه أعلم. (قوله ولدته لأقل من نصف حول) أي من وقت الارتداد ط (قوله أي الكتابية) فسره به ليعم اليهودية ط (قوله إلا إذا جاءت به لأكثر إلخ) استثناء من قوله يرثه، أما إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر كان العلوق في حالة الإسلام فيكون مسلما يرث المرتد درر (قوله بالجبر عليه) أي على الإسلام، فالظاهر من حاله أن يسلم درر: أي بخلاف ما إذا اتبع أمه الكتابية لأنها لا تجبر عليه. (قوله وظهر عليه) بالبناء للمجهول: أي غلب وقهر (قوله فيء) أي غنيمة يوضع في بيت المال لا لورثته بحر (قوله لأن المرتد لا يسترق) بل يقتل إن لم يسلم. ولا يشكل كون ماله فيئا دون نفسه لأن مشركي العرب كذلك بحر (قوله بلا مال) متعلق بلحق. بقي ما إذا لحق ببعض ماله ثم رجع ولحق بالباقي، ومقتضى النظر أن ما لحق به أولا فيء، وما لحق به ثانيا لورثته. ا هـ. ح (قوله في ظاهر الرواية) لأن عوده وأخذه ولحاقه ثانيا يرجح جانب عدم العود ويؤكده، فيتقرر موته، وما احتيج للقضاء باللحاق لصيرورته ميراثا إلا ليترجح عدم عوده فتقرر إقامته ثمة فيتقرر موته، فكان رجوعه ثم عوده ثانيا بمنزلة القضاء. وفي بعض روايات السير جعله فيئا لأن بمجرد اللحاق لا يصير المال ملكا للورثة، والوجه ظاهر الرواية، كذا في الفتح تبعا للنهاية والعناية وفخر الإسلام من أن ظاهر الرواية الإطلاق واعتمده في الكافي، وبه سقط إشكال الزيلعي على النهاية أفاده في البحر (قوله وحكمه) أي حكم المالك القديم إذا وجد ملكه في الغنيمة ما مر في الجهاد من التفصيل المذكور (قوله لعدم الفائدة) أي في أخذه ودفع مثله . (قوله لحق بدارهم) أي بدار أهل الحرب (قوله فجاء المرتد مسلما) يعني قبل أداء البدل للابن، إذ لو كان بعده يكون الولاء للابن، وقيد بالكتابة لأن الابن إذا دبره ثم جاء الأب مسلما فإن الولاء للابن دون الأب كما في البحر عن التتارخانية، وكأن الفرق أن الكتابة تقبل الفسخ بالتعجيز فلم تكن في معنى العتق من كل وجه، بخلاف التدبير نهر (قوله كلاهما للأب) قال في البحر: أشار به إلى أنه لا يملك فسخ الكتابة لصدورها عن ولاية شرعية، وقد صرح به الزيلعي؛ وقدمنا عن الخانية أنه يملك إبطال كتابة الوارث قبل أداء جميع البدل؛ إلا أن يقال إن مرادهم أنه لا يملك فسخها بمجرد مجيئه من غير أن يفسخها، أما إذا فسخها انفسخت إلا أن جعلهم الوارث كالوكيل من جهته يأباه. ا هـ. . (قوله فلحق) أما لو قتل بعد اللحاق ثم جاء تائبا فلا شيء عليه، وكذا لو غصب أو قذف لصيرورته في حكم أهل الحرب بحر (قوله فديته في كسب الإسلام) هذا بناء على رواية الحسن المصححة كما قدمناه من أن دين المرتد يقضى من كسب إسلامه، إلا أن لا يفي فمن كسب ردته كما يظهر من عبارة البحر؛ وهذا خلاف ما مشى عليه المصنف كغيره في الدين (قوله عن الخانية) صوابه عن التتارخانية: وفيه رد على قول الفتح: لو لم يكن له إلا كسب ردة فقط فجنايته هدر عنده خلافا لهما. قال في البحر: والظاهر أنه سهو ثم قال: وإن كان له الكسبان قالا يستوفي منهما. وقال الإمام من كسب الإسلام أولا، فإن فضل شيء استوفى من كسب الردة (قوله وكذا) ظاهره أن الإشارة إلى ما قبله من وجوبه في كسب الإسلام إن كان إلخ وهو صريح عبارة النهر عن الفوائد الظهيرية لكن في الشرنبلالية عن فوائد الظهيرية: وإن ثبت ذلك بإقراره فعندهما يستوفى من الكسبين جميعا، وعنده من كسب الردة؛ لأن الإقرار تصرف منه فيصح في ماله وكسب الردة ماله عنده ا هـ. ومثله في البحر عن التتارخانية (قوله كجنايتهم في غير الردة) فيخير السيد بين الدفع والفداء، والمكاتب موجب جنايته في كسبه، وأما الجناية عليهم فهدر أفاده في البحر. وأما جناية المدبر فستأتي في الجنايات ط (قوله فارتد) أفاد أن الردة بعد القطع، فلو قبله لا يضمن قاطعه، إذ لو قتله لا يضمن كما مر (قوله والعياذ بالله) مبتدأ وخبر أو بالنصب مفعول مطلق: أي نعوذ العياذ بالله تعالى (قوله ومات منه) أي من القطع: أي مات مرتدا، فلو مسلما فيأتي (قوله نصف الدية) أي ضمن دية اليد فقط وذلك نصف دية النفس، ولا يضمن بالسراية إلى النفس شيئا (قوله لوارثه) إنما كانت له لأنها بمنزلة كسب الإسلام (قوله لأن السراية إلخ) تعليل للمسألة الأولى. وعلل الثانية في الهداية بأنه صار ميتا تقديرا والموت يقطع السراية، وإسلامه حياة حادثة في التقدير فلا يعود حكم الجناية الأولى ا هـ. وإنما سقط القصاص لاعتراض الردة (قوله لأنه في الخطأ على العاقلة) الضمير يرجع إلى ما ذكر من ضمان نصف الدية، وفيه أن العاقلة لا تعقل الأطراف فليتأمل ط. أقول: لم نر من قال ذلك وإنما المصرح به أن العاقلة لا تعقل ما دون نصف عشر الدية والواجب هنا نصف الدية فتتحمله العاقلة بلا شبهة (قوله كلها) هذا عندهما، وعند محمد النصف بحر (قوله ارتد القاطع) لما بين حكم المقطوع المرتد أراد بيان حكم القاطع المرتد ط (قوله لفوات محل القود) مقتضاه عدم الفرق في القاطع بين أن يرتد أو لا ط. قلت: وقد صرحوا في الجنايات بأن موت القاتل قبل المقتول مسقط للقود (قوله فالدية على العاقلة) لأنه حين القطع كان مسلما وتبين أن الجناية قتل بحر (قوله ولا عاقلة لمرتد) اعترض بأنه لا محل له هنا، بل محله عند قوله مرتد قتل رجلا خطأ. قلت: أشار بذكره هنا إشارة خفية كما هو عادته شكر الله تعالى سعيه إلى فائدة التقييد بكون الردة بعد القطع في قوله ارتد القاطع، وهي ما لو كان القطع في حال الردة فإنه لا شيء على العاقلة فإنه لا عاقلة للمرتد، فاستغنى بالتعليل عن التصريح بالمعلل لانفهامه مما قبله ولا تنس قوله في خطبة الكتاب فربما خالفت في حكم أو دليل، فحسبه من لا اطلاع له ولا فهم عدولا عن السبيل إلخ فافهم. (قوله وأخذ بماله) أي أسر مع ماله الذي اكتسبه في زمن ردته نهر (قوله فبدل مكاتبته لمولاه إلخ) أما على أصلهما فظاهر لأن كسب الردة ملكه إذا كان حرا فكذا إذا كان مكاتبا، وأما عنده فلأن المكاتب إنما يملك أكسابه بالكتابة والكتابة لا تتوقف بالردة فكذا أكسابه بحر. (قوله ولحقا فولدت) وكذا إذا ولدت قبل الردة ثم لحقا به أو أحدهما إلى دار الحرب فإنه خرج عن الإسلام لأنه كان بالتبعية لهما أو للدار، وقد انعدم الكل فيكون الولد فيئا، ويجبر على الإسلام إذا بلغ كالأم، فإن كان الأب ذهب به وحده والأم مسلمة في دار الإسلام لم يكن الولد فيئا لأنه بقي مسلما تبعا لأمه بحر (قوله فالولدان فيء كأصلهما) هذا ظاهر في الولد، فإن أمه تسترق والولد يتبع أمه في الحرية والرق. أما ولد الولد فلا يتبعها لأنه لا يتبع الجد كما يأتي وهذه جدة في حكم الجد، ولا أباه لأن أباه تبع والتبع لا يستتبع غيره كما يأتي. وأجيب بأنه تبع لأمه الحربية، وفيه أنه قد تكون أمه ذمية مستأمنة، فالمناسب كون العلة في كونه فيئا أن حكمه حكم الحربي كما يأتي فافهم (قوله والولد الأول يجبر بالضرب) أي والحبس نهر أي بخلاف أبويه فإنهما يجبران بالقتل (قوله وإن حبلت به ثمة) أشار إلى أنها لو حبلت به في دار الإسلام يجبر بالأولى. وبه يظهر أن تقييد الهداية بالحبل في دار الحرب غير احترازي، أفاده في البحر (قوله لتبعيته لأبويه) أي في الإسلام والردة وهما يجبران فكذا هو وإن اختلفت كيفية الجبر ط (قوله لعدم تبعية الجد) ولعدم تبعيته لأبيه لأن ردة أبيه كانت تبعا والتبع لا يستتبع خصوصا، وأصل التبعية ثابتة على خلاف القياس لأنه لم يرتد حقيقة ولذا يجبر بالحبس لا بالقتل، بخلاف أبيه بحر (قوله على الظاهر) أي ظاهر الرواية وفي رواية الحسن عنه أنه يتبع الجد. وجه الأول أنه لو تبع الجد لكان الناس كلهم مسلمين تبعا لآدم وحواء عليهما السلام ولم يوجد في ذريتهما كافر غير مرتد، وتمامه في الزيلعي. والمسائل التي يخالف فيها الجد الأب ثلاثة عشر ستأتي في الفرائض، وذكر في البحر منها هنا إحدى عشرة ذكرها المحشي (قوله فحكمه كحربي) في أنه يسترق وتوضع عليه الجزية أو يقتل. وأما الجد فيقتل لا محالة لأنه المرتد بالأصالة أو يسلم بحر عن الفتح. (قوله لأنه مسلم) أي تبعا لأبيه، ولا يتبع أمه في الرق لعدم تحقق الملك عليها وقت ولادته، بخلاف ما إذا ولدته بعد السبي ط. مطلب في ردة الصبي وإسلامه (قوله وإذا ارتد صبي عاقل صح) سواء كان إسلامه بنفسه أو تبعا لأبويه ثم ارتد قبل البلوغ، فتحرم عليه امرأته ولا يبقى وارثا قهستاني، ولكن لا يقتل كما مر لأن القتل عقوبة، وهو ليس من أهلها في الدنيا، ولكن لو قتله إنسان لم يغرم شيئا كالمرأة إذا ارتدت لا تقتل ولا يغرم قاتلها كما في الفتح عن المبسوط (قوله خلافا للثاني) فلا تصح عنده لأنه ضرر محض. وفي التتارخانية عن الملتقى أن الإمام رجع إليه، ومثله في الفتح (قوله ولا خلاف في تخليده في النار) فالخلاف إنما هو في أحكام الدنيا فقط بحر لأن العفو عن الكفر دخول الجنة مع الشرك خلاف حكم الشرع والعقل كما في الأصول قهستاني (قوله كإسلامه) فتترتب عليه أحكامه من عصمة النفس والمال وحل الذبح ونكاح المسلمة والإرث من المسلم قهستاني (قوله فإنه يصح اتفاقا) أي من أئمتنا الثلاثة، وإلا فقد خالف في صحة إسلامه زفر والشافعي كما في الفتح. فإن قيل: هو غير مكلف. قلنا: إنما يلزم إذا قلنا بوجوبه عليه قبل البلوغ كما عن أبي منصور والمعتزلة وأنه يقع مسقطا للواجب لكنا إنما نختار أنه يصح ليترتب عليه الأحكام الدنيوية والأخروية فتح (قوله ويجبر عليه بالضرب) أي والحبس كما مر. قلت: والظاهر أن هذا بعد بلوغه، لما مر أن الصبي ليس من أهل العقوبة، ولما في كافي الحاكم: وإن ارتد الغلام المراهق عن الإسلام لم يقتل، فإن أدرك كافرا حبس ولم يقتل (قوله وقيل الذي يعقل إلخ) قال في الفتح بين أي صاحب الهداية أن الكلام في الصبي الذي يعقل الإسلام زاد في المبسوط كونه بحيث يناظر ويفهم ويفحم. ا هـ. قلت: والظاهر أن ما ذكره المصنف بيان لقوله يعقل الإسلام، ومعنى تمييزه المذكور أن يعرف أن الصدق. مثلا حسن والكذب قبيح يلام فاعله، وأن العسل حلو والصبر مر؛ ومعنى كونه بحيث يناظر أن يقول إن المسلم في الجنة والكافر في النار، وإذا قيل له لا ينبغي لك أن تخالف دين أبويك يقول نعم لو كان دينهما حقا أو نحو ذلك. ولا يخفى أن ابن سبع لا يعقل ذلك غالبا، ويحتمل أن يكون المراد المناظرة ولو في أمر دنيوي، كما لو اشترى شيئا ودفع إلى البائع الثمن وامتنع البائع من تسليم المبيع قائلا لا أسلمه إلا إلى أبيك لأنك قاصر فيقول له لم أخذت مني الثمن؛ فإن لم تسلمني المبيع ادفع لي الثمن، فهذا ونحوه يقع من ابن سبع غالبا، وعليه يتحد القولان تأمل (قوله وقد رأيت) بفتح تاء المخاطب (قوله وسنه سبع) وقيل ثمان وهو الصحيح، وأخرجه البخاري في تاريخه عن عروة، وقيل عشر أخرجه الحاكم في المستدرك، وقيل خمسة عشر وهو مردود وتمام ذلك مبسوط في الفتح وهو أول من أسلم من الصبيان الأحرار، ومن الرجال الأحرار أبو بكر، ومن النساء خديجة، ومن الموالي زيد بن حارثة، وتمام تحقيق ذلك في الدر المنتقى ونقل عبارته المحشي (قوله حتى قال إلخ) ذكر في القاموس في مادة ودق. قال المازني: لم يصح أن عليا رضي الله تعالى عنه تكلم بشيء من الشعر غير هذين البيتين تلكم قريش تمناني لتقتلني إلخ وصوبه الزمخشري ا هـ. ومقتضاه أن نسبة ما هنا إليه لم تصح (قوله ظاهر كلامهم نعم اتفاقا) فائدة وقوعه فرضا عدم فريضة تجديد إقرار آخر بعد البلوغ. قال في الفتح: ومقتضى الدليل أنه يجب عليه بعد البلوغ. ثم قال: لكنهم اتفقوا على أن لا يجب على الصبي بل يقع فرضا قبل البلوغ. أما عند فخر الإسلام فلأنه يثبت أصل الوجوب به على الصبي بالسبب وهو حدوث العالم وعقلية دلالته دون وجوب الأداء لأنه بالخطاب وهو غير مخاطب، فإذا وجد بعد السبب وقع الفرض كتعجيل الزكاة. وأما عند شمس الأئمة لا وجوب أصلا لعدم حكمه، وهو وجوب الأداء، فإذا وجد وجد، فصار كالمسافر يصلي الجمعة يسقط فرضه، وليست الجمعة فرضا عليه، لكن ذلك للترفيه عليه بعد سببها فإذا فعل تم ا هـ. مطلب هل يجب على الصبي الإيمان (قوله وفي التحرير إلخ) هذا قول ثالث. وعبارة التحرير في الفصل الرابع: وعن أبي منصور الماتريدي وكثير من مشايخ العراق والمعتزلة إناطة وجوب الإيمان به أي بعقل الصبي وعقابه بتركه. ونفاه باقي الحنفية دراية لقوله عليه الصلاة والسلام: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل» ورواية لعدم انفساخ نكاح المراهقة بعدم وصف الإيمان ا هـ. موضحا من شرحه لابن أمير حاج. وقال في أول الفصل الثاني: وزاد أبو منصور إيجابه على الصبي العاقل، ونقلوا عن أبي حنيفة: لو لم يبعث الله تعالى للناس رسولا لوجب عليهم معرفته بعقولهم. وقال البخاريون: لا تعلق لحكم الله تعالى بفعل المكلف قبل البعثة والتبليغ كالأشاعرة وهو المختار، وحكموا بأن المراد من رواية: لا عذر لأحد في الجهل بخالقه، لما يرى من خلق السموات والأرض وخلق نفسه بعد البعثة، وحينئذ فيجب حمل الوجوب في قول الإمام لوجب عليهم معرفته على معنى ينبغي، وتمامه في شرحه المذكور (قوله لو مات بعده) أي بعد العقل. مطلب في معنى درويش درويشان (قوله كفر بعضهم) لأن معناه جميع الأشياء مباحة فيدخل فيه ما لا تجوز إباحته فيكون مبيح الحرام وهو كفر وهذا باطل، لأن معناه مسكنة المساكين أو فقر الفقراء فكأنه قال تمسكنا بمسكنة المساكين أو افتقرنا إليك بفقر الفقراء ولا دلالة فيه قط على ما ذكر، كذا في البزازية ونازعه في [نور العين] بأن ما ذكره من المعنى هو معناه الوضعي أما العرفي الذي جرى عليه اصطلاح الملاحدة والقلندرية فهو أن جميع الأشياء مباحة لك. فالحق أن يكفر القائل إن كان من تلك الفئة، أو أراد ما أرادوه، أو لم يعلم معناه لكنه قاله تقليدا وتشبيها بهم أو يخشى عليه الكفر فيجدد وجوبا أو احتياطا إيمانه، وإن قاله غير عالم ولا متأمل فهو مخطئ يلزمه أن يستغفر، وغاية الأمر أن يرخص في التكلم بأمثال هذه المقالة ا هـ. ملخصا (قوله قيل بكفره) لعل وجهه أنه طلب شيئا لله تعالى والله تعالى غني عن كل شيء والكل مفتقر ومحتاج إليه، وينبغي أن يرجح عدم التكفير فإنه يمكن أن يقول أردت أطلب شيئا إكراما لله تعالى. ا هـ. شرح الوهبانية. قلت: فينبغي أو يجب التباعد عن هذه العبارة، وقد مر أن ما فيه خلاف يؤمر بالتوبة والاستغفار وتجديد النكاح، لكن هذا إن كان لا يدري ما يقول، أما إن قصد المعنى الصحيح فالظاهر أنه لا بأس به (قوله ليس يكفر) فإن الحضور بمعنى العلم شائع {ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم} والنظر بمعنى الرؤية {ألم يعلم بأن الله يرى} فالمعنى يا عالم من يرى بزازية. مطلب في مستحل الرقص (قوله ومن يستحل الرقص قالوا بكفره) المراد به التمايل والخفض والرفع بحركات موزونة كما يفعله بعض من ينتسب إلى التصوف. وقد نقل في البزازية عن القرطبي إجماع الأئمة على حرمة هذا الغناء وضرب القضيب والرقص. قال ورأيت فتوى شيخ الإسلام جلال الملة والدين الكرماني أن مستحل هذا الرقص كافر، وتمامه في شرح الوهبانية. ونقل في نور العين عن التمهيد أنه فاسق لا كافر. ثم قال: التحقيق القاطع للنزاع في أمر الرقص والسماع يستدعي تفصيلا ذكره في عوارف المعارف وإحياء العلوم، وخلاصته ما أجاب به العلامة النحرير ابن كمال باشا بقوله: ما في التواجد إن حققت من حرج ولا التمايل إن أخلصت من باس فقمت تسعى على رجل وحق لمن دعاه مولاه أن يسعى على الراس الرخصة فيما ذكر من الأوضاع، عند الذكر والسماع، للعارفين الصارفين أوقاتهم إلى أحسن الأعمال، السالكين المالكين لضبط أنفسهم عن قبائح الأحوال، فهم لا يستمعون إلا من الإله، ولا يشتاقون إلا له، إن ذكروه ناحوا، وإن شكروه باحوا، وإن وجدوه صاحوا، وإن شهدوه استراحوا، وإن سرحوا في حضرة قربه ساحوا، إذا غلب عليهم الوجد بغلباته، وشربوا من موارد إرادته، فمنهم من طرقته طوارق الهيبة فخر وذاب ومنهم من برقت له بوارق اللطف فتحرك وظاب، ومنهم من طلع عليه الحب من مطلع القرب سكر وغاب، هذا ما عن لي في الجواب، والله تعالى أعلم. بالصواب. ومن يك وجده وجدا صحيحا فلم يحتج إلى قول المغني له من زانه طرب قديم وسكر دائم من غير دن. ا هـ. مطلب في كرامات الأولياء (قوله ومن لولي إلخ) من مبتدأ وقال صلته وجهول خبره ولولي متعلق بيجوز وطي مبتدأ خبره يجوز، وأصل التركيب: ومن قال طي مسافة يجوز لولي جهول، وهذا قول الزعفراني، والقائل بكفره هو ابن مقاتل ومحمد بن يوسف ط (قوله وإثباتها إلخ) قال في البزازية: وقد ذكر علماؤنا أن ما هو من المعجزات الكبار: كإحياء الموتى، وقلب العصا حية وانشقاق القمر. وإشباع الجمع من الطعام، وخروج الماء من بين الأصابع لا يمكن إجراؤه كرامة للولي، وطي المسافة منه لقوله عليه الصلاة والسلام: «زويت لي الأرض» فلو جاز لغيره لم يبق فائدة للتخصيص، لكن في كلام القاضي أبي زيد ما يدل على أنه ليس بكفر. ا هـ. قلت: ويدل له ما قالوا فيمن كان بالمشرق وتزوج امرأة بالمغرب فأتت بولد يلحقه فتأمل. وفي التتارخانية أن هذه المسألة تؤيد الجواز. وقد قال العلامة التفتازاني بعد أن حكى عن أكثر المعتزلة المنع من وأن الأستاذ أبا إسحاق يميل إلى قريب من مذهبهم، وحكى ما قدمناه، وأن إمام الحرمين قال المرضي عندنا تجويز جملة خوارق العادات في معرض الكرامات. ثم قال: نعم قد يرد في بعض المعجزات نص قاطع، على أن أحدا لا يأتي بمثله أصلا كالقرآن ثم ذكر بقية الأقوال. ثم قال: والإنصاف ما ذكره الإمام النسفي حين سئل عما يحكى أن الكعبة كانت تزور واحدا من الأولياء، هل يجوز القول به فقال: نقض العادة على سبيل الكرامة لأهل الولاية جائز عند أهل السنة. قلت: النسفي هذا هو الإمام نجم الدين عمر مفتي الإنس والجن رأس الأولياء في عصره. ا هـ. من شرح الوهبانية، وتمامه فيه والله سبحانه أعلم.
|